HISPANISTAS DE TÁNGER -2-

Quiénes somos

miércoles, 7 de marzo de 2018

ديتر هالر: طنجة وجهة نظر إثنولوجية رشيد بوطيب

ديتر هالر: طنجة وجهة نظر إثنولوجية

رشيد بوطيب

          
"تسمية الأشياء بشكل سيئ، يزيد من شقاء العالم". هذه الجملة التي تنسب إلى ألبير كامو، تلخص في رأينا عمل الإثنولوجي الألماني ديتر هالر (Dieter Haller)، الصادر حديثاً بعنوان: "طنجة: الميناء، الأرواح، اللذة، دراسة إثنوغرافية" (Tanger Der Hafen, die Geister, die Lust. Eine Ethnographie).. إن عمله تنسيب لمشروع التحديث وفضح لسرديته. فهو حين يعطي الكلمة للألم، لمن تعوّد الخطاب الرسمي أن يتحدث باسمه (وفي هذا السياق المغاربة)، وأن يحرمه من حقه في الكلام، يعيد إلى الأشياء أسماءها.
لقد قدم ديتر هالر (1962) صوتاً ولغة ولحماً لرجل الشارع المغربي البسيط، الذي حرمه الخطاب الرسمي، العلمي منه والسياسي من حقه في الكلام. يجب أن نبتعد لكي نرى جيداً يقول الباحث الموضوعي، لكن أحيانا يجب أن نقترب ونحس ونعاني الآخر. إنه الدرس الذي يقدمه لنا ديتر هالر في عمله عن طنجة. إنه يعترف منذ البداية أنه يحب طنجة. هل تؤمن المقاربة العلمية بالحب؟ لا يرى هالر في حبه لطنجة عقبة أمام بحث تطور المدينة. إنه يجد في الباسيو Passio وهي كلمة لاتينية تعني الألم، منهجيته.
يتحدث ديتر هالر عن ثلاث خطايا اقترفها في هذا الكتاب، وهي كلها مرتبطة بحبه للمدينة. ولربما يحمل استعمال تعبير الخطيئة في هذا السياق، والذي نعرفه من الخطاب الديني نوعا من السخرية من الخطاب العلمي والسياسي السائد. الخطأ الأول قد نسميه الجوهرانية، فهو ينطلق من وجود ثقافة مغربية مستقلة عن شخص الإثنولوجي ورؤيته. فهو لا يريد دراسة الطفل الذي يسبح في الصهريج، ولا دراسة الماء الذي يسبح فيه، ولكنه يعتقد وضد الرؤية التي تدافع عنها الحداثة السائلة بوجود صهريج يحمل الماء والطفل.
فإلى جانب المنظورية التي يعبر عنها الطفل والسيلان المرتبط بالماء يتوجب في رأيه دراسة الصهريج أو السطل والذي يمثل نموذجاً ثقافياً ثابتاً، وهو ما قد يجعله يقترف في رأي أنصار الرؤية السائلة خطيئة الثقافوية أو الجوهرانية. إذن في رأيه هناك شيء اسمه ثقافة مغربية.
الخطيئة الثانية هي التي يطلق عليها مفهوم النوستالجيا. وهو يعني ذلك الحنين الذي يستبد بالأوروبيين إلى طنجة وعوالمها، وهي التي مثلت لهم في مرحلة ما الآخر المطلق للغرب وثقافته ورؤيته البيروقراطية إلى العالم.
والإثنولوجي الألماني يعبر عن ذلك غير ما مرة، كما في اعترافه بأنه يجد نفسه في رواية أنغيل فاسكيز مولينو "الحياة التعيسة لخوانيتا ناربوني" (La vida perra de juanita Narboni)، والتي لا تتحدث عن سيرة امرأة فقط، بل عبرها عن سيرة مدينة بأكلمها. مدينة طنجة، ويجدها بالخصوص في جملة مركزية في الرواية "أنا لست حداثياً" (Yo no soy moderna). قد لا نندهش إذن إذا قرأنا هجوم الإثنولوجي الحاد على الحداثة ومشروع التحديث الذي تعرفه طنجة، والذي أجهز برأيه على روح المدينة.
أما الخطيئة الثالثة التي يعترف باقترافها فهي ما يسميه بالدهشة الإيروتيكية. فأسطورة طنجة كما يتحدث عنها الأدب العالمي هي أيضاً وخصوصاً أسطورة إيروتيكية.
يمكن اعتبار كتاب ديتر هالر رغم تركيزه المطلق على طنجة، مقدمة لفهم مآلات المدينة المتوسطية الكوسموبوليتية في الضفة الجنوبية للمتوسط. إنه تطور حزين وبئيس ذاك الذي عاشته مدن مثل الإسكندرية وبيروت وطنجة. ربما يمكننا قراءة كتاب هالر أيضا كتأريخ لهذا السقوط والانهيار الذي أرّخت له بعض الروايات العربية مثل روايات الطاهر وطار ونور الدين سعدي من الجزائر. إن طنجة اليوم برأي الإثنولوجي الألماني تعبيرعن نظام يمتح من منظومتين مترابطتين رغم اختلافهما الظاهري، منظومة قروسطية وأخرى نيوليبرالية. وحتى إذا أعلن الإثنولوجي الألماني في بداية كتابه أنه من المستحيل الإمساك علمياً بطنجة، فإنه يقدم بلا ريب تاريخ من لا تاريخ لهم داخل هذه المدينة. فهو غير مهتم هنا بالتاريخ الغربي للمدينة، غير مهتم بشخصيات مثل بول بولز وماتيس ودولاكروا أو بكتاب جيل البيتلز والهيبيز. كما أن كتابه لا يجب اعتباره كتاباً حول الهجرة وعلاوة على ذلك سيتجنب خلال مرحلة بحثه الميداني الخطابات الأكاديمية حول المدينة وسيتجنب الالتقاء بالمثقفين المغاربة.
يتحدث هالر في الفصل الأول من كتابه عن البيت الذي سكنه خلال بحثه الميداني في المدينة. يعكس تاريخ هذا البيت تاريخ المدينة. وبلغة أخرى تاريخ تراجع المدينة رغم مشاريع التحديث. وهو تراجع أو انهيار لا يجب أن نعيده بالضرورة إلى ما يسميه هالر بالمغربة أو التأميم، ففي السياق العربي لا يمكننا أن نتحدث إلا عن دولة ضد المدينة.
ولا يمكن للقارئ المغربي أن يعترض على وصفه للتطور الذي عرفته المدينة، إذ لا يمكن، كما عبر بحق، الحديث عن طنجة اليوم كمدينة كوسموبوليتية، وهي اليوم تعرف بالأحرى صراعاً خافتاً بين سكان المدينة الأصليين والقادمين الجدد من المناطق القروية إلى جانب أشكال صراع أخرى. إنه يتحدث عن ترييف المدينة الذي أعقب رحيل الأوروبيين واليهود عنها وكانت نتيجة محتومة للحكومات المتعاقبة للدولة المغربية. وهذا أيضا ما نقرأه في رواية أنغيل فاسكيز عن الإسبانية خوانيتا، التي ستجد نفسها فجأة في مدينة لا تعرفها بعد هجرة الأوروبيين عنها واختفاء مظاهر التعدد الثقافي الذي طبع المدينة خلال فترتها الدولية.
لقد مسّ التغير جوانب متعددة من حياة المدينة، منها مثلا لغة الحديث اليومية. ولا عجب أن يعبر بعض سكّان المدينة الأصليين للإثنولوجي عن سخطهم على سياسة المغربة ويعتبرون أن الاستعمار بدأ فقط سنة 1956. ففي رأي هؤلاء لم تكن طنجة مستعمرة، بل كانت مدينة دولية عرفت تمازجاً لثقافات مختلفة. وجاءت المغربة لتجهز على هذا الميراث الكوسموبوليتي.
يظهر ذلك من خلال تغيير الكثير من ملامح المدينة وترك بناياتها القديمة عرضة للانهيار، كما يقول لهالر أحد مؤرخي الحقبة الكوسموبوليتية لطنجة تفرسيتي زرويلة. في حين يعبر أحد الطنجاويين عن غضبه قائلا: "إنهم يريدون تحويل طنجة إلى سوق الأربعاء، قنيطرة أو بنسليمان". بل إن أحدهم سيحذرنا من أنهم يحاولون إرغام المدينة على ارتداء النقاب.
ستقود هالر مغامرته الإثنولوجية إلى التعرف على الزاوية الحمدوشية، والتي أصبح عضواً فيها، وعبرها سيكتشف ذلك البعد الروحي الذي غالباً ما لم يأبه به، كإثنولوجي غربي، قادم من ثقافة ملحدة. إن أهم اكتشاف له خلال لقائه أعضاء الزاوية الحمدوشية هو أن الإنسان ليس مركز الكون والمسؤول الوحيد عن حياته، ولكن هناك قوى كثيرة تشاركه مصيره وتتدخل فيه.. قد يبدو هذا الاندهاش بعوالم الحمادشة مناقضاً لأصول البحث العلمي الموضوعي، ولكن لا ريب في أن ما سيقدمه لنا في كتابه عن هذه الزاوية لم يكن ليقدمه لو لم يعش تجربتهم الروحية من الداخل، وهي التي ما تزال أصداؤها تتردد في أعماقه حتى بعد رحيله.
إن ديتر هالر يرفض كل التأويلات الوظيفية والنفسية الاجتماعية والحداثية لموضوعة الجن. وهو يعتقد مع إدوارد ويسترمارك بضرورة التعامل بجدية مع كوسمولوجية المؤمن ومن يقوم باختزال تلك الكوسمولوجيا إلى ظاهرة نفسية أو وظيفية لا يعطي اعتباراً للغريب. بل إن ديتر هالر يذهب أبعد من ذلك ويطالب بتطوير إثنولوجيا صوفية، تسمح للمنطق الداخلي للاعتقاد بالتعبير عن نفسه.
أمر مهم يمكن الوقوف عليه في كتاب ديتر هالر، وهو ذلك الربط الذ ي يقيمه بين الإسلام السياسي والمشروع التحديثي، وبلغة أخرى، إنه يقرأ الإسلام السياسي موضوعياً، كنتاج للحداثة وتناقضاتها، وتعبير عن عنفها أيضاً. عنف يتجلى كذلك في رفض حركات الإسلام السياسي التصوف، وفي هذا السياق، يشير هالر إلى تصريح معروف لراشد الغنوشي، يؤكد فيه أنه يتفق مع بورقيبة في محاربة التصوف، معتبراً أن التصوف لا يتوافق لا مع الديمقراطية ولا مع الإسلام.
لا عجب إذن أن يتحدث هالر عن مشروع التحديث كخطر على التعدد المجتمعي، لكن التحديث في صيغته الإسلاموية، ترييف للمدينة والفكر. ورغم تسجيل الألماني ديتر هالر محاولات النظام السياسي المغربي إحياء التصوف في شمال المغرب من أجل مواجهة الإسلام الراديكالي، إلا أنه لا يغفل أنه يرى في هذه المحاولات أيضاً تسييساً للتصوف، وعبر ذلك تأسيسٌ لشكل جديد من أشكال الإسلام السياسي.
لقد حضر هالر إلى طنجة ليهتم بسؤال محدد: إلى أي حد ساهمت المشاريع التحديثية للدولة المغربية في مدينة طنجة في محاربة الفقر في المدينة؟ سيتعرض في كتابه أيضاً للسردية الرسمية حول هذه القضية، وطبعاً، لن نجد فيها شيئا عن واقع المهمشين ومن ازدادوا فقراً في المدينة، ولربما يعبر ذلك بحق عن الانفصال الواقع داخل مجتمعات مثل المغرب، بين طبقته السياسية والشعب.
سيقوم الإثنولوجي الألماني بالدور الذي كان يتوجب على السلطات الرسمية القيام به، وسيلتقي بشخصيات من أسفل السلم الاجتماعي، سيصف صراع الباعة المتجولين مع الشرطة مثلا. يحكي معاناة الصيادين، وباعة السمك، بل اللصوص والحمقى المتشردين في المدينة أيضاً. كلهم سيلتقيهم هذا الرجل بطريقة أو بأخرى.. حتى أضحى الناس في المدينة يعتقدون أنه أحد أبناء المدينة القدامى.
لن يعمد هو بالضرورة إلى تقديم جواب عن السؤال المركزي في كتابه، بل ستلخصه آراء الذين التقاهم في تجواله المستمر، والذين سيتفقون كلهم على أن مشاريع التحديث التي تشهدها المدينة، لا تدمر فقط روحها الكوسموبوليتية، ولكن تزيد الأغنياء غنى والفقراء فقراً.
يكتب ديتر هالر في نهاية كتابه: "لقد غيرتني طنجة، على المستوى الشخصي والمهني. ففي الخارج هناك عوالم أخرى وكوسمولوجيات أخرى ووقائع أخرى. الإثنولوجيون أدركوا ذلك دائماً. ورغم العولمة وسرديتها الكبرى والتي تريد نفسها مطلقة، فإن تلك العوالم ما تزال تملك منطقها". أما هذا الكتاب، يقول ديتر هالر، فليس سوى محاولة للتصالح مع الجن وطلب بركتهم!

Publicado por Hispanistas de Tânger en 6:08

domingo, 11 de febrero de 2018

Presentación del Libro: “Estudios sobre Marruecos en la Edad Media” de Don Guillermo Gozalbes Busto.




Traducido al árabe por Driss Jebrouni y M. Elkadi y publicado en Tánger por la E. Litograf. (435 páginas)


PRESENTACIÓN

ENRIQUE  GOZALBES-CRAVIOTO  
CARLOS GOZALBES-CRAVIOTO




        La obra está centrada en estudios diversos acerca de Marruecos en la Edad Media y reunió un conjunto de trabajos desarrollados por su autor en los años setenta y ochenta del siglo XX. Eran los momentos finales de su residencia en Marruecos, cuando ocupaba la Dirección de la Biblioteca Española de Tetuán, actual Instituto Cervantes, una ciudad en la que vivió entre 1928 y 1983. No puede entenderse la aportación histórica de Guillermo Gozalbes Busto sin tener en cuenta la realidad de Tetuán, una ciudad que amó particularmente (había nacido en Ceuta), con la que se identificó, no sólo con su ambiente y con el clima y los paisajes, como ha sido general entre los españoles, sino sobre todo con el conjunto de sus habitantes. Ello, naturalmente, recreció a partir de que sus cuatro hijos naciéramos y creciéramos en Tetuán.
El Tetuán de las tres religiones, musulmanes, cristianos católicos y judíos, eso sí dominado por los militares españoles hasta la recuperación de su independencia por parte de Marruecos, y después el Tetuán del más de un cuarto de siglo en el Marruecos independiente y moderno. Y ese Tetuán donde formó a miles de alumnos marroquíes, en una tan extensa como apreciada labor docente, con su magisterio primero en el Instituto Muley Hassan, dirigido por Mekki Naciri, y en los años cincuenta y sesenta en el Liceo Jabber ibn Hayyan. Sin embargo ha sido poco conocido por sus alumnos por su primer apellido identificador en español, Gozalbes, para ellos era conocido como el “Profesor Busto”. Sus hijos nos hemos emocionado muchos años después en el contacto con algunos de esos alumnos, a los que infundió su máxima docente: “cucharita a cucharita”, es decir poco a poco, producir aprendizaje por pequeños pasos. Y poco a poco, obra de su proverbial constancia en el trabajo, fue como surgió este libro que comentamos y que hoy se traduce al árabe.
                         

Don Guillermo Gozalbes Busto 



Un primer planteamiento para el mismo fue el de su visión de la existencia de una historia común hispano-marroquí. Unos espacios geográficos que destacaba que eran tan cercanos, pero también tan alejados en ocasiones. Su preocupación máxima era la de seguir la vida de los hispanos que por voluntad, en unos casos, o bien obligados en otros, pasaron a Marruecos a lo largo de la Historia. Y si existían en España palabras árabes, influjos en la toponimia, en las costumbres, en la alimentación, existían también otros elementos prácticamente desconocidos que consideraba que debía poner en valor: la presencia de hispanismos antiguos en Marruecos. Hoy en el Norte de Marruecos existen muchas influencias españolas, en las palabras, en el vestir, en la alimentación, etc. Pero ello es producto en su mayor parte de otras presencias más cercanas en el tiempo. Sus estudios en este libro, “Lo andaluz en la indumentaria marroquí”, así como “Huellas andalusís en el vestir marroquí”, son ejemplos de aquello que también consideró apasionante: las palabras incorporadas por los antiguos andalusís, incluidos los moriscos, en el habla diaria de Marruecos.
Pero también junto a ello el análisis de la realidad urbana medieval en el Norte de Marruecos. En efecto, el autor detectaba como las ciudades principales del otrora protectorado francés, Rabat, Casablanca, Fez o Marraquech, habían sido objeto de estudios, de monografías históricas desde la época de los Archives Marocaines. Sin embargo, en el Norte de Marruecos detectaba un vacío sensible al respecto. Salvo el caso concreto de Tetuán, y con muchísimas limitaciones, las ciudades del Marruecos septentrional carecían de estudios históricos completos con una perspectiva moderna, existiendo trabajos muy valiosos de carácter parcial o exposiciones excesivamente reducidas en relación a la Historia.
Eso sí, el análisis histórico global era demasiado amplio y con dificultad podría abarcarlo, por lo que decidió centrar el estudio en las ciudades en la edad Media.
 La documentación al respecto iba a estar centrada en los testimonios de las fuentes árabes, y más en concreto sobre todo en los escritos de los geógrafos. En efecto, se trata de una época en la que la producción geográfica árabe superaba muy ampliamente la arcaica que poseían los cristianos. En estos documentos había geógrafos orientales de los siglos IX y X, entre los que el más relevante sin duda fue el viajero Ibn Hawkal, por la amplitud de su información pero sobre todo por su conocimiento personal acerca del Marruecos que describió. Pero había otros andalusíes, especialmente importantes por su información como la obra de Al-Bakri, natural de Huelva, en el siglo XI, y también la aportación de Al-Idrisi, natural de Ceuta, en el siglo XII. Al-Idrisi, como es bien sabido, fue el principal geógrafo de la Edad Media. Y después, naturalmente, otros escritores de geografía posteriores tales como Ibn Said al-Magribi, Al-Umari, historiadores que dieron datos geográficos como Ibn Jaldún o Ibn Abi Zar´, así como naturalmente en el siglo XVI el gran Juan León el Africano. cagigas
Algunos de los trabajos incorporados en el libro fueron textos inéditos escritos de forma expresa para el mismo. Otros, quizás los más numerosos, fueron por el contrario reediciones de textos publicados anteriormente, en aportaciones en revistas o en contribuciones en actas de congresos. La mayor proporción la constituyen los textos previamente publicados en la revista que dirigía el autor, los Cuadernos de la Biblioteca Española de Tetuán. Entre las aportaciones inéditas hasta ese momento consideramos que con toda probabilidad la más importante es la que dedicó a “El reino de Nakur en la Edad Media”.
Se trataba de una aportación excepcional. La existencia de un reino rifeño en los siglos IX y X, con extensión de su Historia en el siglo XI, no había sido visto con simpatía alguna por parte de los españoles en la época del Protectorado. Justo es indicar que el Marruecos que se consolidó como Estado moderno con su independencia también podía observar con suspicacia uno de los principados que existieron en paralelo con el Fez de los Chorfas idrisíes, y más hallándose en una zona tan sensible en el Marruecos del siglo XX como era el Rif. Ello explica la escasez de estudios acerca de un reino que constituyó uno de los episodios más apasionantes de la Historia de Marruecos: la islamización y urbanización del Rif. Prescindiendo de una polémica monografía de C. Cerdeira, en polémica con E. Michaux-Bellaire (años veinte), de una pequeña síntesis de I. de las Cagigas de finales de los años cuarenta, el único estudio algo más completo de A. Melvinger se había publicado a comienzos de los años sesenta en Suecia. Y como demostró G. Gozalbes Busto, este buen intento incurso en un estudio sobre las incursiones normandas (Nakur sufrió una) contenía algunos errores bastante apreciables.
El estudio sobre el reino de Nakur está formulado a partir de la utilización de un número importante de fuentes históricas (Ibn Hayyan, Ibn al-Jatib, Rawd al Qirtas), así como geográficas (Al-Bakri, Al-Idrisi…). Pero también desde el conocimiento de los estudios arqueológicos, primero de su amigo A. Mekinasi, pero después del lugar concreto de la ciudad por parte del trabajo de C. Redman. Más allá de la síntesis  histórica sobre el desconocido reino, Gozalbes Busto se centrará sobre todo en la relación del mismo con Al-Andalus, integrada en la política norteafricana de los Omeyas cordobeses. Significativo es el final del trabajo, en el que destacaba como los contactos entre Nakur y Almería enriquecieron tanto el mundo marroquí como el peninsular: “no puede estudiarse ni conocerse bien la historia peninsular sin su enlace con la marroquí”.
Entre los trabajos publicados con anterioridad encontramos las síntesis acerca de la Historia medieval de algunas ciudades: Tetuán, en la que se rebusca las raíces anteriores a la (re)fundación efectuada por los granadinos de Ali Al-Mandari, la poco conocida Anfa medieval, como era conocida la actual Casablanca, capítulo especial sin duda es el del Tánger medieval, puesto que fue objeto de una tan rica como desconocida historia que incluía su existencia temporal como reino Taifa en el siglo XI, Arcila, una fundación idrisí que fue objeto de saqueo por los normandos y de ocupación omeya, Alcazarquivir, una ciudad que alcanzó su apogeo con los almohades, o Qasar Saghir, el pequeño núcleo urbano portuario en la costa del Estrecho, lugar de paso de hombres, de mercancías, y sobre todo de tropas en dirección a Al-Andalus. Cada una de estas urbes es analizada en perspectiva cronológica, con los datos disponibles en relación con su relación con el poder central marroquí en cada momento.
La obra finaliza con otro trabajo dedicado a “El factor socio-religioso en la historia marroquí”. Se trata éste de otro de los componentes de los estudios del autor, si bien es cierto que publicó poco al respecto. En el trabajo se desliza desde lo que consideraba los rasgos pre-islámicos, la incorporación del Islam inicialmente con la importancia del elemento jariyí, el papel de los Chorfas que, como destacara en su día E. Lévi-Provençal fueron los verdaderos iniciadores de la islamización de Marruecos, unas breves notas acerca de las Zawiyas. Un apartado sin duda subjetivo pero con algunos apuntes interesantes es el dedicado a los aspectos sociológicos, que se prolonga con una explicación acerca del choque religioso con las agresiones luso-castellanas en las fachadas marítimas. Gozalbes Busto con una visión objetiva, expone muy bien como las mismas supusieron para Marruecos no ya un problema político y de ocupación, sino sobre todo tuvieron un balance particularmente negativo puesto que ocasionaron una asfixia económica, en lo que denominaba un atormentado periodo de la Historia de Marruecos.
En suma, se trata de una obra que si formalmente tiene ya un cuarto de siglo, sin embargo en la elaboración de algunos de sus capítulos rebasa en una década o década y media esa publicación en forma de libro. Se trata de una aportación que consideramos válida y muy oportuna su traducción al árabe, lo que permitirá sin duda un mayor conocimiento por parte de los modernos historiadores marroquíes. Sólo nos queda agradecer y reconocer a nuestro apreciado amigo Driss Jebrouni la iniciativa así como la muy cuidada traducción de esta obra.
                                                       
                                                       
ENRIQUE  GOZALBES-CRAVIOTO
CARLOS GOZALBES-CRAVIOTO


Publicado por Hispanistas de Tânger en 11:55

sábado, 10 de febrero de 2018

La Colonización del Espacio Novelesco.....Los Nuevos Viajeros Románticos.



La Colonización del Espacio Novelesco

Los Nuevos Viajeros Románticos
     No deja de ser significativo,  que al menos en tres décadas aparezcan en España novelas que tengan como espacio novelesco Marruecos,  que algunos críticos llamaron “La colonización del despacio novelesco”....
Mal resguardado puerto, en el que han querido refugiarse nuestros románticos viajeros. Salieron de su papel y arribaron a la vorágine del cernudiano interrogante sin respuesta, persiguiendo una quimera, conscientes de que, a cada caída ha de levantar más poderoso el vuelo.
Por eso, tal vez, prosiguen el viaje una jornada más, aferrándose todos, casualmente se diría, a un mito literario, a un lugar de escritura que, sin embargo tiene una realidad palpable: el mundo musulmán. La llamada del Norte. La voz de Europa, que ha disminuido su dosis de pan, hinchando sus sexos, les ha permitido también –y al fin- con la nevera y el automóvil, colonizar una geografía, encontrar un subdesarrollo exótico y darle su literatura y su yo. Igual que los europeos románticos del 19 inventaron una España de papel y de tinta, a la que quiso acabar pareciéndose a la real, y de la castañuela hicieron un pandero y del pandero una plaza de toros; del mismo modo crecieron por metros las navajas y las sevillanas se pusieron la Giralda por peineta y sus abuelos el mundo por montera. Así, ahora, desde el baluarte del que tiene la palabra y puede nombrar, podemos disfrazarnos con lugares y gentes, tal y como Bayron o Merimé, Kepling o Conrad lo hicieran. Desconocimiento real y cierta libidinosa frustración en el subconsciente colectivo de pueblo han elegido, como geografía apropiada y tubo de escape, de su fracaso, el universo musulmán.

           Estos escritores ocupan con su palabra, un área cultural degradado por su posición geográfica periférica (el Magreb) e histórica (devastación colonial).Pero en todos el viejo cristianismo erizado de metales, guerrero y viril se ha vuelto blando y pide, solloza, suplica ser fecundado por el cuerno duro y caliente de la media luna: la cruz se ha abierto de brazos y quiere ser alcanzada en la ingle.

Y todo ello, a pesar de que el mundo musulmán –el real, no el literario de nuestros viajeros –no es sino un puro desgarrón represivo, y el lugar donde cualquier espasmo  sexual es menos probable.

         A pesar de que, frente a lo que decía Benjamín (vivir en una casa de cristal es la virtud revolucionaria por excelencia) en este mundo hacía tiempo que Descartes y la Coca Cola han levantado-si es que no lo estaban antes –gruesos muros de dobles y triples morales, desacostumbradas, por su rigor, incluso en occidente.
Al fin y al cabo, no hay que olvidar que cada uno escribe como puede: y que la crítica no deja de ser un oficio de escritores frustrados.
(N.P. MAYO/JUNIO 1996.)
Publicado por Hispanistas de Tânger en 14:58

viernes, 9 de febrero de 2018

المغرب في المتن الإسباني: استعمار الفضاء الروائي مزوار الإدريسي


المغرب في المتن الإسباني: استعمار الفضاء الروائي
مزوار الإدريسي
9 فبراير 2016
في رحلته الشهيرة من إسبانيا إلى المغرب سنة 1803، يقرن علي باي العباسي (فراثيسكو دومينغو بادِيّا) هذا العبور إلى المغرب، الذي يقوم به الغربيّ الإسباني "بالحلم، ذلك أن انتقاله في حيّز زمني وجيز إلى عالَم جديد كليّةً، لا شبه له - ولو بعيد - بالعالم الذي خلّف وراءه، يجعله يجد نفسه في الحقيقة، كأنه قد حُمِل إلى كوكب آخر […] في المسافة القصيرة لفرسخين وثُلثي فرسخ، وهي أقصر مسافة بين الضفّتين كلتيهما، إنه يعثر على فرق عشرين قرناً".
الحقيقة هي أن المغرب - وهو أقرب بلد عربي إلى أوروبا - أسهم كثيراً في إثارة فضول الغربي وتشويقه إليه؛ لأن الإمبراطورية المغربية - بعد سقوط الأندلس - فاجأت المسيحيين الأوروبيين بأن قصمت ظهر الإمبراطورية البرتغالية وحلفائها في معركة الملوك الثلاثة أو وادي المخازن، فتوجّست أوروبا منها، في حين ارتأى المغرب أن يضرب العزلةَ على نفسه أربعة قرون، وقد ساعدته في ذلك حواجز طبيعية قويّة، فشرْقاً وَقَتْهُ جبال الأطلس من العثمانيين الأتراك، الذين كانوا يتربّصون به في الجزائر، وشمالاً وغرباً احتمى المغرب بالبحرَين المتوسط والأطلسي من "العدو النصراني"، أما جنوباً فقد تكفّلت الصّحراء بعزله عن أفريقيا، وإن كانت الأخيرة قد استُعمِلت مُتنفّساً تجارياً بالخصوص.
استمرّت عزلة المغرب أزيد من قرنين، كان خلالها مجهولاً وغامضاً، إلى أن انهزم في معركة إيسلي أمام فرنسا عام 1844، ثم في حرب تطوان أمام إسبانيا في 1860، فبدأ توافد الغربيين عليه، ثم كان الاستعمار الذي عُرف بـ"الحماية" التي امتدّت من 1912 إلى 1956.
"
شهدت بداية القرن 21 احتفاءً بمرحلة الحماية الاستعمارية
"
لقد انكبّ المستعمِر الإسباني، خلال هذه المدة، على دراسة البلاد وأهلها، وخلّف أعمالاً كثيرة لا تزال آثارها مرجعاً في ميادين علمية وفنية متنوعة. وعلى الرغم من أن اهتمام الإسبان بالمغرب يعود إلى مرحلة الوجود العربي في الأندلس، فإنه قد تضاعف وتوطّد أكثر خلال "الحماية"؛ لكنّهم، بعد مغادرتهم البلاد عند الاستقلال، تخلّوا عن المغرب بشكل شبه نهائي، وتركوه في تبعية صريحة للفرنكوفونية، عقب اتفاقية إيكس ليبان، التي وقّعها الوفد المغربي الفرنكفوني، الذي عمل على تهميش إسبانيا.
في الواقع، لم تكن إسبانيا تُعدّ من الدول العظمى، ثم إنها كانت ترزح تحت حكم فرانكو الديكتاتوري الذي دام من 1939 حتى 1975. حينها، كانتْ عناية المُثقّفين تنصب على الوضع الداخلي للبلاد ومشاكلها الأساسية، كغياب الديمقراطية والتنمية والعلاقة بأوروبا، ولم تنتبه الأقلام الإسبانية إلى المغرب إلا بعد رحيل فرانكو، وهي المرحلة الجديدة من حياة إسبانيا الديمقراطية، وسيُعاد فيها طبع كثير من الأعمال التي ارتبطت بالمغرب، وكانت شبه منسيّة.
لقد تعاطت الأقلام الروائية الإسبانية مُبكّراً مع موضوع المغرب، ويكفي أن نتذكّر رواية "عَيْطَة تَطّاون" (1905) لبِينِيتُو بِيرِيث غالْدُوس [ترجمها عمر بوحاشي] الروائي الذي ردّ بها على "يوميات شاهد على حرب إفريقيا" [ترجمها محمد المرابط] لبيدرو أنطونيو ألارْكون، وهي اليوميات ذات البعد الاستعماري الصريح، وثَّق فيها صاحبُها للحملة على المغرب الشهيرة بحرب 1960، وكان فيها مراسلاً حربيّاً. لقد تبنّى غالدوس في روايته موقفاً مناقضاً تماماً لألارْكون، بانتقاده للنّفس الوطني في أيديولوجيّته العدوانية، وبتفاديه الترفُّعَ الاستشراقي الكولونيالي بأنْ أعطى الصوتَ المغربي حضوراً محترَماً، وتكفي الإشارة إلى ذلك الانتقال الذي قام به البطل سَانْتِيُوسْتِي Santiuste من معسكر الإسبان إلى الوسط المغربي.
وأعقبَ غالدوس روائي استثنائي هو خوسيه دِيَّاث فرنانْديثْ برواية لافتة هي "الحصن الخشبي" (1928) [ترجمة مزوار الإدريسي]، التي صدرت عن تجربة معيشة، فالكاتب ألّفَها بعد المناداة عليه للقيام بالجندية في المغرب عقِب هزيمة إسبانيا في معركو أنوال عام 1921، ولكونها فاجأت القُرّاء بنزوعها المسالم وبُعدها الإنساني، الذي تنتبه فيه الشخصيات إلى أنها متورّطة في الدفاع عن قضية لا تعنيها، وفَاجأتهم أيضاً بتقنية اللوحات السردية الحديثة، التي وإن كانت تبدو متباعدة في ما بينها، فإنها تتعانق في الحساسية الجمالية، وفي الموقف المندّد بالاستعمار، وفي اتخاذ شمال المغرب فضاءً تدور فيه معظم وقائعها.
"
واجه الأدب الإسباني أزمة إبداعية بعد زوال الديكتاتورية
"
وتبعت "الحصنَ الخشبي" روايةُ رامون خوسيه سِنْدِر "إيمّان Imán" [مغناطيس، ترجمها محمد أبو العطا]، التي كتبها عام 1930، وهي الأخرى خلاصة ملاحظات استقاها صاحبها من إجرائه الخدمة العسكرية في المغرب بعد معركة أنوال، ويعترف المؤلّف بأن الخيال لم يكن له من دور فيها؛ لأن الواقع كان يتفوَّق عليه.
يصف سندر فظاعة مشاهد ما بعد المعركة، وملحمة الهروب في اتجاه مدينة مليلية الذي كابده الجندي بيانسي، الذي كان شاهداً على المجزرة، في إدانة صريحة لهذه الحرب التي لم تكن لها من قضيّة تعني الجنود، والتي صوّرتها الرواية باعتبارها حرباً عبثية يدفع ثمنها البسطاء من كلتا الجبهتين.
يُمكن القول إنّ الرواية الإسبانية شهدت مرحلتين؛ الأولى قبل فرانكو، والثانية بعده. في الأولى، انشغلت في تتبُّع وتقصّي آثار الاستعمار الإسباني وقصصه وحكاياته في المغرب، بينما انصرفت، في الثانية، عنه؛ لأن أولويّات أخرى كانت أهم بالنسبة إلى الكتّاب الإسبان، الذين كانوا مشغولين بنشر الوعي والديمقراطية ومقاومة التسلّط، وأساساً بالكتابة عن الحرب الأهلية التي مزَّقت المجتمع الإسباني.
وبعد استعادة إسبانيا للديمقراطية، دخل الأدب أزمة إبداع حقيقية، ذاك ما يؤكدُه الناقد الهيسباني إدريس الجبروني الذي يرى أنه بعد موت الديكتاتور فرانكو، لجأ معظم الكُتّاب إلى البحث عن أسطورة أدبية، وعن مكان للكتابة، وعن فضاء روائي جديد، أي عن استعمار جغرافية التخلّف الغريب ومنحه آدابهم وذاتيتهم، أي عن "استعمار الفضاء الروائي".
ويضيف إدريس الجبروني أنه إذا كانت ثيمات عقدَي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي هي الجنس والمخدّرات، وعقد التسعينيات هي الغرابة والمغامرة، فإنّ بداية القرن الحادي والعشرين شهِدت احتفاءً بمرحلة الحماية في ما يُشبه حنيناً إليها.
والواقع، أن هذا المنحى الجديد في الكتابة، عرف إقبالاً من الكُتّاب والقُرّاء أيضاً، ولعل رواية "زمن بين مخيطات" للكاتبة ماريّا دْوِينْياسْ خير مثال على ذلك [تجاوز عدد طبعاتها الأربعين، وبيعت منها الملايين، وأُخْرِجتْ سلسلةً تلفزيونية] .
تدور معظم أحداث "زمن بين مخيطات" في مغرب الحماية؛ بطلتُها سِيرَا كِيرُوغَا، وهي شابة مدريدية سيخدعها عشيقُها، فستنتهي في تطوان؛ حيث ستحمل هوية جديدة وستصير مُصمّمةَ أزياء مرموقة على صلة بعلية القوم، وستعيش مغامرات متنوعة مع شخصيات بعضها تاريخيّ.
لكنّ اللافت جداً هو أنه عدا الفضاء المغربي، فإنّ حضور المغرب كشخصيات وثقافة ينعدم في الرواية، وهو الأمر الذي يُثير الاستغراب والتساؤل بصدد هذه الكتابة التي، وإنْ كانت تشويقية وناجحة في التشجيع على القراءة، فإنها تبعث على الارتياب، نظراً إلى موقفها الاستشراقي البيِّن والذي يشير إلى نزوع كولونيالي في زيّ جديد.

Publicado por Hispanistas de Tânger en 4:27

مصطفى الورياغلي.. ذاكرة قابضة من البداية للنهاية

مصطفى الورياغلي.. ذاكرة قابضة من البداية للنهاية

مزوار الإدريسي
25 نوفمبر 2017


يعود مصطفى الوَرِياغْلي - في رتاريخ المغرب، مثلما في روايته الأولى "جنة الأرض"- تمتد من أواخر القرن 19، وبالضبط من حرب مارْغَايُّو 1893/1894، ليمرّ بحرب "خندق الذئب"، فيقف مطوّلاً عند معركة أنوال، ثم ينتهي عند ما بعد الاستقلال مع شخصية "الحسن"، التي كانت شاهداً على كثير من الأحداث المسرودة، والتي تُصرّ على أن تحكي وقائع تاريخها المَعيش للحفيد، عبر خطاب دالّ يؤكّد أن التاريخ، مثلما نعلم، له امتداد في الحاضر والمستقبل، لأنه لا يفتأ يؤوّل، خصوصاً إذا قُدّم على شكل عمل ثقافي إبداعي، حينئذ يكون تأويله بصفته رمزاً، كما يقول بول ريكور، أمراً لا مفرّ منه.
وايته "أبواب الفجر" تخييليّاً إلى مرحلة حديثة ودقيقة من
تكشف "أبواب الفجر" ("المركز الثقافي العربي") عن توازٍ بين نصّين: الأول تاريخي مكتوب وشفهي مُفعم بالسرد، والثاني سرديّ صَهَرَ الروائي فيه التاريخيّ، وأعاد بناءه فتخلّق تخييلياً، بمعنى أن الروائي يقدّم نصاً إبداعياً، وفي الوقت ذاته، يقدم تأويلاً للتاريخ، أي حكاية كاملة ومكتملة هي تركيبٌ لأحداث ووقائع متعددة أي "كلّية" وفق تعريف ريكور، تضم المتجانس- المتنافر.
وحريٌّ الاعتراف بتفوُّق التأويل على جفافِ النص التاريخي في التأثير، لأن الأدب لحظة تشرّبه يُقدّم معرفةً، ويُربي أخلاقاً، وينمّي أذواقاً، ولذلك تبقى صوَره راسبة في اللاشعور، بحُكم أنها تسرّبت إليه عبر الالتذاذ بالقراءة، فتلازم القارئ دائماً أبداً، ولا داعي إلى التذكير بأعمال استلهمت أحداث التاريخ، فأصبح نظرُنا إليه من خلالها.
تُقدّم "أبواب الفجر" التاريخَ؛ أيِ الحياة الماضية في شكل حكاية، مُستَعْمِلةً إياها وسيلةً لفهم "الحياة الحالية"، ولهذا فهي في الوقت الذي تقدم فيه قراءةً للتاريخ، تُقدّم اقتراحا جماليا لتشكيل أخلاق ضرورية وعمليَّة تنخرط في بناء المجتمع، كما تتغيّا التعمُّق في تجربة الإنسان، وترومُ سبرَ مكمن الشّر فيه.
يَحْضُر الأدبُ أي "أبواب الفجر" ضمن مشروع تهدئة الإنسان، بالقَبُول به، والاعتراف بكيانه أيضا. وتلتقط الروايةُ رمزيًّا نماذج لهذه التجربة الإنسانية بصفتها تجربة للشر متمثِّلا في المستعمِر ولمُقاومتِه.
تسرد هذه الرواية حكاية أسرة مغربية غادرت أرضها جنوب المغرب مُضطرَّة، واتجهت شمالا لتفد على قبيلة بني بوفرح مُستقرَّةً في الرّيف، محتكَّةَ بقبيلتيْه القويَّتيْن بني ورياغل وبَقُّويَة، ومحميَّةً بالنَّسب الشَّريف وأعراف القبائل، باحثَةً عن حياةٍ جديدة وجيدة وخيّرة. "أيُمكن للإنسان أن يبدأ من جديد؟ أنْ يبني حياتيْن في حياة واحدة؟".
لكن هذه الرواية في الأصل حكاياتُ حيواتٍ لها رواياتٌ، ما كان لها أنْ تُجمَع إلا في قصة. وتتكفَّل كل شخصية بحكاية أحداث فصل من منظورها الخاص، فتتعدَّد وجهات النظر، وتكون الرواية شبيهة بالريزوم أو الجذمور، تلك السّاق النباتية التي تنمو أُفقيَّا (تحت التراب مثل النعناع)، ويظلّ الرابط بينها سرّيا.
إنها حكاياتٌ متجاورة، لكنها غير مُتعاقبة، ولا تَفْرضُ قراءَة زمنية تصاعُدية وحْدَها، بل تتيح ذاتَها لكي تُقرَأ وكأنَّها خريطةٌ، يُمكن الانطلاق في قراءتها من أي ناحية، "بالطبع، في القصة لا البداية ولا النهاية هما بالضرورة بداية الأحداث المروية ولا نهايتها، بل هما بداية الشكل السردي ونهايته". فيكون للقارئ أن يتنقَّل من فصل إلى فصل، دون أن يُؤثّر ذلك في الانتهاء إلى خلاصات وإلى بناء تصوُّرات.
تنجح "أبوابُ الفجر" في المؤالفة، أيضا، بين النثري والشعريّ، فيتوهَّم قارئها بأنه أمام حقيقة تاريخية، وأن ما يقرأه كان حدوثُه على ذلك المنوال. ولعل ذلك ما يُفسِّر الحضور اللافت فيها للذاكرة، فالأخيرة تقبض على الرواية من بدايَتها، فتأخذ الشخصيات في استعادة حكاياتها بدءًا من الطاهر وانتهاء بالحسن، مرورا بأسماء عديدة. فيتأكد أنّ الزمام بيد الذاكرة، وأن الأخيرة أصل التاريخ.
الحقيقة أنَّ "أبواب الفجر" تُيسِّر لقارئها مداخل متنوعة، لعل أهمَّها استهدافها بطريقة شعرية تلفت الانتباه إلى مكانة الفضائل في الحياة الاجتماعية، وإلى السبيل المفضي إلى السعادة، لأنه في النظرية السردية "ليس هناك من قصة محايدة أخلاقيا.
إن الأدب عبارة عن مختبر تجري فيه التقديرات والتقييمات وأحكام الاستحسان والإدانة، وهناك تُستخدم السردية كحقل تمهيدي للأخلاق". إن ما ينكب عليه الروائي هو أن ينشر "فضاء مُتخَيَّلا أمام تجارب فكرية يُمارَس فيها الحكم الأخلاقي بالصيغة الشرطية".
هكذا تكونُ الرواية تحقُّقًا إلى حد كبير للمُثَلّث الأخلاقي، الذي اقترحه بول ريكور، المعروف بالاستهداف الأخلاقي الذي أركانه الثلاثة: 1. التطلُّع إلى الحياة الجيدة والخيِّرة 2. مع الآخرين 3. في إطار مجتمع مؤسسات عادلة.
تروّج "أبواب الفجر" لقيمة العدل، فهذا الزعيم التاريخي لحرب الريف محمد بنعبد الكريم الخطابي يتريَّث مع الرّجل الذي أخبره بأنه يعرف من قتل أباه مسموما، ويُلحّ على أنْ يُلجأ إلى المحكمة وليس الثأر. وتُشيد بالثقة "لكنّ الناس أصبحوا يثقون في قيادتهم، لأنهم لم يُجرّبوا عليهم كذبا أو خيانة أو استئثارا بالسلطة والمصالح، فعلموا أنها إنما تقودهم إلى التحرر والكرامة، فأطاعوا أوامرها، ووجدوا في سلوكها القدوة الصالحة".
وتمتدح قيمتي التضامن والتحمُّل في سبيل "حِفظ الدين والوطن والشرف، فإن كل واحد منهم (الريفيين) يُخرِج خيرَ ما فيه". وتنوِّه بعشق الريفيين للحريّة وعدم رضاهم بأنْ يُستَعْمروا، فالريف آخر منطقة استُعمِرتْ في العالم (1926)، وتُفنّد الخطاب الاستعماري "لا شيء بدون علم. لقد ملكوا بعلمهم البَرَّ والبحر والسماء [...] لا يهمهم تقدُّمنا في شيء".
وتفضحُ النفاق "يجب أن نكسب ثقة الأهالي، يقولون دائما، يجب أن يفهموا أن إسبانيا لا تريد أنْ تنزع منهم أراضيهم أو تستفرد بخيراتهم. نحن لا نريد إلا مصلحتهم". و"لِمَ كلُّ تلك الكراهية والحقد؟ لا أفهم! لم نسئ إليهم. معنا سيدخلون العالم المتمدن، سيفارقون الجهل والقمل والجوع والفوضى. فعلامَ يقتلوننا؟".
يقف قارئ "أبواب الفجر" على أنها ذات رؤية نقدية تلتزم بقضايا مجتمعها وعالمها، فهي لا تقف عند التاريخ، بل تنتقد الحاضر. وإذا كان الورياغلي في "جنة الأرض" قد أعلن عن موهبته الروائية، فإنه في "أبواب الفجر"، يدخل بثقة أكبر إلى المشهد الروائي المغربي.
Publicado por Hispanistas de Tânger en 4:02
Entradas antiguas Inicio
Suscribirse a: Entradas (Atom)

Archivo del blog

  • ▼  2018 (10)
    • ▼  marzo (1)
      • ديتر هالر: طنجة وجهة نظر إثنولوجية رشيد بوطيب
    • ►  febrero (8)
    • ►  enero (1)
  • ►  2017 (5)
    • ►  mayo (1)
    • ►  enero (4)
  • ►  2016 (10)
    • ►  diciembre (1)
    • ►  agosto (1)
    • ►  marzo (1)
    • ►  febrero (2)
    • ►  enero (5)
  • ►  2015 (22)
    • ►  noviembre (3)
    • ►  septiembre (2)
    • ►  julio (1)
    • ►  junio (15)
    • ►  febrero (1)
  • ►  2009 (1)
    • ►  febrero (1)

Seguidores

Tema Viajes. Con la tecnología de Blogger.