miércoles, 25 de enero de 2017

رحلة أبي العيال وراء البحار والجبال//إدريس اعفارة

رحلة أبي العيال وراء البحار والجبال
في اتجاه ألاسكا – الحلقة الرابعة
إدريس أعفارة   |23 نوفمبر، 2015 |



      
سيحاول أبو العيال نشر مذكراته محافظا على كرونولوجيتها غالبا ، لكنه سيستطرد بين الفينة والأخرى مسترجعا أو شارحا أو مستدركا كثيرا أو قليلا ، ويرجو ألا يكون عليكم ضيفا ثقيلا ، وسيضيف ذكريات وصورا له احتفظ بها من رحلته الأولى سنة 2011 ،أرجو لكم قراءة ممتعة .
    Alaska   في اتجاه ألاسكا
  وصل أبو العيال إلى مدينة فانكوفر  Vancouverجوا بعد رحلة دامت ـــــــ مع توقفاتها في المطارات ـــــــ سبعا وعشرين ساعة ، تكاد  تكون كلها نهارا مشمسا طويلا . وصل على الساعة العاشرة والنصف ليلا من يوم الخميس ، وهي ليلة الجمعة ، وسيصبح عيد الفطر ، وهكذا أحيى أبو العيال هذه المناسبة مع إخوانه المسلمين ، وقام بجولات تفقدية خلال اليومين التاليين للعيد ، وسيواصل مساره البعيد .  
                                        الاستعدادات    
 تحتاج الرحلة الطويلة إلى إعداد قبلي يمكن تلخيصه كما يلي :
ــــــــ تم فحص السيارة ومراقبة لوازمها وتغيير زيت محركها ، وملء خزانها بالبنزين . ـــــــ فحص طرد ا لخيمة والتأكد من جميع أجزائها ، فلا مجال للتهاون .
ـــــــ تجهيز الثلاجتين بالثلج ، والذي يجب أن يُجدد يوميا حفاظا على طراوة أزواد الرحلة .و الثلج يباع في المتاجر الكبرى ومحطات الوقود .
ـــــــ التزود بالمواد الغذائية الضرورية من حليب وماء وعلب مصبرات وفواكه تصمد مدة طويلة .
ـــــــ تهيئة موقد يعمل بغاز الپروپان ، وتعبئة قارورتين متوسطين بهذا الغاز الذي يستعمل في البلاد الباردة ، كما نستعمل نحن غاز البوطان في البلاد الدافئة .
ــــــ التزود بالأجهزة الدفاعية ضد هجمات محتملة للوحيش ، وهي وسائل مرخص بها في كندا ، بل منصوح بتوفرها.
ــــــ جمع وتحضير اللباس الواقي من البرد والصقيع الـمتوقع في ألاسكا .
وأبو العيال لم يُحضر ألبسته الشتوية من المغرب ، فاضطر إلى استعارتها من عياله ، وكلهم أطول منه قامة ، فكان لباسه جديرا بالملامة .                                        
الانطلاقة
 كانت الانطلاقة يوم الأحد 19 يوليوز من مدينة فانكوفر في أقصى الجنوب الغربي لكندا ،  قصد التوجه بعون الله إلى ألاسكا في أقصى الشمال ،وهي الولاية التاسعة والأربعون من الولايات المتحدة .
 تقع مدينة فانكوفر في ولاية كندية تسمى كلومبيا البريطانية  British Columbia وتعرف اختصارا ب BC
     BCمليون كيلومتر مربع تقريبا ، وعدد سكانها خمسة ملايين ،يعيش نصف  في مدينة فانكوفر تبلغ مساحة   ازدهرت الولاية بعد إنشاء السكة الحديدية سنة 1915 الرابطة بين الولايات المتحدة وألاسكا مرورا ب BC .
 وتعرف BC حركة سياحية جيدة ، إذ يقصدها سنويا خمسة عشر مليون سائح  ، وذلك لكثرة المنتزهات والشلالات والبحيرات والوحيش في مرتفعات جبال روكي وأديرتها ، وسيحاول أبو العيال نقل ارتساماته ووصف مميزات الولاية قدر المستطاع .
  ركبنا سيارتنا وانطلقنا عند منتصف النهار ، وبما أنه لا يوجد طريق واضح يتجه رأسا نحو الشمال في اتجاه ألاسكا ، فإننا اضطررنا إلى الاتجاه شرقا نحو ولايتي ألبرتا . Alberta  ثم يوكون Yukon حتى نصل إلى ألاسكا .  
 أخذنا الطريق الرئيس الذي يسمونه  TransCanada Hwy قد شق المهاجرون الصينيون الأولون هذا الطريق عند منتصف القرن التاسع عشر ، كما أنشئت بسواعدهم السكة الحديدية ، فما كان الكنديون من أصل أوروپي يقوون على العمل في مثل هذه التضاريس الوعرة والأجواء الصقيعية، ومخاطر الوحيش، وانفجارات الديناميت من أجل فتح منافذ أو حفر أنفاق .  
 إن التنقل في ولاية BC يحتم عليك أن تتحمل السفر في طرق كثيرة المنعرجات ، تشبه طرقنا في جبالي الريف والأطلس .
وفي هذه السنة أصابها الجفاف ،فذابت الثلوج ، واصفرت المروج ،ومع ذلك تبقى بعض النضارة تبهج النظارة ،ويقل أثر الجفاف كلما اتجهنا نحو الشمال الشرقي للولاية، فتكثر الشلالات ، وتقل الحرائق في الغابات.  وإن تعجب فعجب ألا تجد في كندا ــــــ وهي ثامنة الدول الصناعية الغنية ـــــ طرقا سيارة بالمواصفات الدولية ، فباستثناء مداخل بعض المدن فإننا لا نجد سوى طرق تعادل طرقنا الوطنية ، وتكون أحيانا دون ذلك .
كان أبو العيال ينتظر أن يجد طرقا سيارة كما تعوّد عليها في أوروپا والمغرب ،
فإذا به يفاجأ بطرق عادية .
هي فعلا جيدة ومرممة ويسمح فيها بالسرعة إلى المائة كيلوساعة ، لكنها ليست كما توقعها ، ناهيك بكثرة التحذيرات من الوحيش ، ومن المنعرجات التي تحدد السرعة أحيانا بثلاثين كيلومترا في الساعة .  
إننا نتسلق جبال روكي .  
                        الوصول إلى كاملوپ ؟؟ 
    مررنا بمدن وقرى صغيرة ، منها أبوستفورد وهاريسون  وهوب  ومريت على وزن مريرت عندنا ، إلى أن وصلنا مدينة كاملوپ على الساعة الرابعة والنصف مساء ، وقد قطعنا مسافة 428 كلم ، ولسان حالنا يقول :
( قال آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ) .  
 هي مدينة صغيرة ، لكنها جميلة ونظيفة كجل مدن كندا التي عرفنا . اشترينا بعض الحاجيات ، وغادرناها في اتجاه مستراح يوجد خارجها ، ولست أدري ماذا أقدم في إعجابي بهذا المستراح ؟!
أهي مناظر الجبال المحيطة به وقد عممت هاماتها بالثلوج في عز الصيف ؟
أهو الجو اللطيف المنعش ؟
أهي التجهيزات الراقية المجانية ؟
أهو الشعور بالأمن الذي يحس به الفرد أينما حل وارتحل ؟ إنهم هنا لا يحذرون من اللصوص والمتلاعبين ، يحذرون فقط من الوحيش .


والإنسان في أمان عندهم يعيش .