رحلة أبي
العيال وراء البحار والجبال
في اتجاه
ألاسكا – الحلقة الرابعة
إدريس أعفارة |23 نوفمبر، 2015 |
سيحاول أبو العيال نشر مذكراته محافظا على
كرونولوجيتها غالبا ، لكنه سيستطرد بين الفينة والأخرى مسترجعا أو شارحا أو
مستدركا كثيرا أو قليلا ، ويرجو ألا يكون عليكم ضيفا ثقيلا ، وسيضيف ذكريات وصورا
له احتفظ بها من رحلته الأولى سنة 2011 ،أرجو لكم قراءة ممتعة
.
Alaska في اتجاه ألاسكا
وصل أبو
العيال إلى مدينة فانكوفر Vancouverجوا بعد
رحلة دامت ـــــــ مع توقفاتها في المطارات ـــــــ سبعا وعشرين ساعة ، تكاد
تكون كلها نهارا مشمسا طويلا . وصل على الساعة العاشرة والنصف ليلا من يوم
الخميس ، وهي ليلة الجمعة ، وسيصبح عيد الفطر ، وهكذا أحيى أبو العيال هذه
المناسبة مع إخوانه المسلمين ، وقام بجولات تفقدية خلال اليومين التاليين للعيد ،
وسيواصل مساره البعيد .
الاستعدادات
تحتاج
الرحلة الطويلة إلى إعداد قبلي يمكن تلخيصه كما يلي :
ــــــــ تم فحص السيارة ومراقبة لوازمها
وتغيير زيت محركها ، وملء خزانها بالبنزين . ـــــــ فحص
طرد ا لخيمة والتأكد من جميع أجزائها ، فلا مجال للتهاون
.
ـــــــ تجهيز الثلاجتين بالثلج ، والذي يجب
أن يُجدد يوميا حفاظا على طراوة أزواد الرحلة .و الثلج يباع
في المتاجر الكبرى ومحطات الوقود .
ـــــــ التزود بالمواد الغذائية الضرورية
من حليب وماء وعلب مصبرات وفواكه تصمد مدة طويلة .
ـــــــ تهيئة موقد يعمل بغاز الپروپان ،
وتعبئة قارورتين متوسطين بهذا الغاز الذي يستعمل في البلاد الباردة ، كما نستعمل
نحن غاز البوطان في البلاد الدافئة .
ــــــ التزود بالأجهزة الدفاعية ضد هجمات
محتملة للوحيش ، وهي وسائل مرخص بها في كندا ، بل منصوح بتوفرها.
ــــــ جمع وتحضير اللباس الواقي من البرد
والصقيع الـمتوقع في ألاسكا .
وأبو العيال لم يُحضر ألبسته الشتوية من
المغرب ، فاضطر إلى استعارتها من عياله ، وكلهم أطول منه قامة ، فكان لباسه جديرا
بالملامة .
الانطلاقة
كانت
الانطلاقة يوم الأحد 19 يوليوز من مدينة فانكوفر في أقصى الجنوب الغربي لكندا ،
قصد التوجه بعون الله إلى ألاسكا في أقصى الشمال ،وهي الولاية التاسعة
والأربعون من الولايات المتحدة .
تقع مدينة
فانكوفر في ولاية كندية تسمى كلومبيا البريطانية British Columbia وتعرف
اختصارا ب BC
BCمليون
كيلومتر مربع تقريبا ، وعدد سكانها خمسة ملايين ،يعيش نصف في مدينة
فانكوفر تبلغ مساحة ازدهرت
الولاية بعد إنشاء السكة الحديدية سنة 1915 الرابطة بين الولايات المتحدة وألاسكا
مرورا ب BC .
وتعرف
BC حركة سياحية
جيدة ، إذ يقصدها سنويا خمسة عشر مليون سائح ، وذلك لكثرة المنتزهات
والشلالات والبحيرات والوحيش في مرتفعات جبال روكي وأديرتها ، وسيحاول أبو العيال
نقل ارتساماته ووصف مميزات الولاية قدر المستطاع .
ركبنا
سيارتنا وانطلقنا عند منتصف النهار ، وبما أنه لا يوجد طريق واضح يتجه رأسا نحو
الشمال في اتجاه ألاسكا ، فإننا اضطررنا إلى الاتجاه شرقا نحو ولايتي ألبرتا
. Alberta ثم يوكون Yukon حتى نصل إلى
ألاسكا .
أخذنا
الطريق الرئيس الذي يسمونه TransCanada Hwy قد شق
المهاجرون الصينيون الأولون هذا الطريق عند منتصف القرن التاسع عشر ، كما أنشئت
بسواعدهم السكة الحديدية ، فما كان الكنديون من أصل أوروپي يقوون على العمل في مثل
هذه التضاريس الوعرة والأجواء الصقيعية، ومخاطر الوحيش، وانفجارات الديناميت من
أجل فتح منافذ أو حفر أنفاق .
إن التنقل
في ولاية BC يحتم عليك
أن تتحمل السفر في طرق كثيرة المنعرجات ، تشبه طرقنا في جبالي الريف والأطلس
.
وفي هذه السنة أصابها الجفاف ،فذابت الثلوج
، واصفرت المروج ،ومع ذلك تبقى بعض النضارة تبهج النظارة ،ويقل أثر الجفاف كلما
اتجهنا نحو الشمال الشرقي للولاية، فتكثر الشلالات ، وتقل الحرائق في الغابات. وإن تعجب
فعجب ألا تجد في كندا ــــــ وهي ثامنة الدول الصناعية الغنية ـــــ طرقا سيارة
بالمواصفات الدولية ، فباستثناء مداخل بعض المدن فإننا لا نجد سوى طرق تعادل طرقنا
الوطنية ، وتكون أحيانا دون ذلك .
كان أبو العيال ينتظر أن يجد طرقا سيارة كما
تعوّد عليها في أوروپا والمغرب ،
فإذا به يفاجأ بطرق عادية
.
هي فعلا جيدة ومرممة ويسمح فيها بالسرعة إلى
المائة كيلوساعة ، لكنها ليست كما توقعها ، ناهيك بكثرة التحذيرات من الوحيش ، ومن
المنعرجات التي تحدد السرعة أحيانا بثلاثين كيلومترا في الساعة
.
إننا نتسلق جبال روكي
.
الوصول
إلى كاملوپ ؟؟
مررنا بمدن
وقرى صغيرة ، منها أبوستفورد وهاريسون وهوب ومريت على وزن مريرت عندنا
، إلى أن وصلنا مدينة كاملوپ على الساعة الرابعة والنصف مساء ، وقد قطعنا مسافة
428 كلم ، ولسان حالنا يقول :
( قال آتنا
غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ) .
هي مدينة
صغيرة ، لكنها جميلة ونظيفة كجل مدن كندا التي عرفنا
. اشترينا بعض
الحاجيات ، وغادرناها في اتجاه مستراح يوجد خارجها ، ولست أدري ماذا أقدم في
إعجابي بهذا المستراح ؟!
أهي مناظر الجبال المحيطة به وقد عممت
هاماتها بالثلوج في عز الصيف ؟
أهو الجو اللطيف المنعش ؟
أهي التجهيزات الراقية المجانية ؟
أهو الشعور بالأمن الذي يحس به الفرد أينما
حل وارتحل ؟ إنهم هنا لا
يحذرون من اللصوص والمتلاعبين ، يحذرون فقط من الوحيش
.
والإنسان في أمان عندهم يعيش
.